للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن لئلا يدرس، وتركت الحديث يجري مع النوازل. وأكثر قوم من الصحابة التحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فزجرهم عمر" (١) اهـ.

وأقول: قد تتبعت تفريعَ الشريعة في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فوجدت معظمَهُ في أحكام العبادات، حتى إنك لتجد أبواب العبادات في مصنفات السنة هي الجزء الأعظم من التصنيف بخلاف أبواب المعاملات. وذلك لأن العبادات مبنيةٌ على مقاصد قارة، فلا حرج في دوامها ولزومها للأمم والعصور إلا في أحوال نادرة تدخل تحت حكم الرخصة.

فأما المعاملات فبحاجة إلى اختلاف تفاريعها باختلاف الأحوال والعصور. فالحملُ فيها على حكم لا يتغيّرُ حرجٌ عظيم على كثير من طبقات الأمة. ولذلك كان دخول القياس في العبادات قليلاً نادراً، وكان معظمه داخلاً في المعاملات.

ولذلك نجد أحكام المعاملات في القرآن مسوقةً غالباً بصفة كلية، حتى إن الله تعالى لمّا فصّل أحكام المواريث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تولّى قسمة الفرائض بنفسه" (٢).


(١) عن الداروردي: سئل أبو هريرة أكنت تحدث في زمن عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمن عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته. وروى شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الذهبي. التذكرة: ١/ ٧/ ٢.
(٢) هذا طرف من حديث نصه: "إن الله تعالى لم يَكِلْ قسمة مواريثكم إلى نبي مرسل، ولا ملك، ولكن تولى قسمته بنفسه". أحمد النفراوي. الفواكه الدواني على شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ٢/ ٢٧٠؛ محمَّد بن أحمد بنيس. بهجة البصر في شرح فرائض المختصر: ١٨ - ١٩. وقد ورد نحو هذا في مصاريف الزكاة. أبو داود؛ السنن: ٢/ ٢٨١، ح ١٦٣٠. البيهقي. السنن: ٤/ ١٧٤، ٧/ ٦.
وأورد الحديث بلفظ قريب مما ذكره المؤلف قال: وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>