تعاقدوا أو تعاطَوا أو تغارموا أو تقاضَوا أو تصالحوا. وهي قسمان:
قسم هو أعلاها، وهو أنواع التصرّفات التي اتفق عليها العقلاء أو جمهورهم لمّا وجدوها ملائمة لانتظام حياتهم الاجتماعية، مثل البيع والإجارة والعارية، وما كان من أحكام تلك الأنواع مقصوداً بها لذاته لكونه قوام ماهيتها، كالتوزيع في الإجارة، والتأجيل في السَّلَم، والمنع من التفويت في التحبيس. ويعلم هذا النوع باستقراء أحوال البشر.
وقسم هو دون ذلك، وهو الذي يقصده فريق من الناس أو آحاد منهم في تصرّفاتهم لملاءمة خاصّة بأحوال مثل العُمْرى والعريّة، ومثل الكراء المؤبّد المعروف بالإنزال عندنا في تونس، وبالحكْر في مصر، وبالنصبة في حوانيت التجارة في أسواق تونس، ويعبّر عنها بالجِلسة في المغرب الأقصى، ورهن غلة الوقف الخاص - أعني أوقاف الذرّية في بلاد الجريد التونسي -، وبيع الوفاء عند الحنفية في كروم بخارى. وهذا القسم يُتعَرَّف عليه بالأمارة والقرينة والحاجة الطارئة.
وهذه المقاصد بقسميها منها ما يدُعى بحق الله، ومنها ما هو حق للعبد.
فحقُّ الله تعالى لا يراد به ما يعطيه ظاهر هذه الإضافة، من أنه حقّ لذات الله تعالى, لأن حقّ ذات الله تعالى إنّما يدخل في العقائد والعبادات المشار إليهما بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً"(١) وبقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
(١) انظر حديث أنس عن معاذ: ٥٦ كتاب الجهاد، ٧ باب اسم الفرس والحمار، ح ٣. خَ: ٣/ ٢١٦؛ ٧٣ باب اللباس، ١٠١ باب إرداف الرجل =