للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي من حكم البخت، وقد يُصارُ إلى قسمة الشيء بين المتعددين اكتفاءً ببعض الانتفاع.

و [نستطيع أن] (١) نستقري ما بدا لنا من أنواع الحقوق على مراتبها إلى تسع مراتب، مرتّبة على حسب قوّة موجب الاستحقاق فيها لمستحقِّيها:

المرتبة الأولى: الحق الأصلي المستحَق بالتكوين وأصل الجبلة. وهو حقّ المرء في تصرّفات بدنه وحواسه ومشاعره، مثل التفكير والأكل والنوم والنظر والسمع. وحقّهُ أيضاً فيما تولّد عنه، كحق المرأة في الطفل الذي تلده ما دام لا يعرف لنفسه حقاً، أو لم تُثبت له الشريعة حقاً، فإذا ميّز وعرف لنفسه الضرَّ والنفع ارتفع حق الأم بمقدار تمييز الطفل، وصار القولُ له في مقدار ما يُميز. ولذلك قال إبراهيم لابنه إسماعيل وهو غلام مميز: {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} (٢) فجعل له التخييرَ في الإذن بأن يذبحه وعدمه.

ويلتحق بهذه المرتبة الحقُّ في كلّ ما تولّد من شيء فيه حقّ معتبر، مثل نسل الأنعام المملوكة لأصحابها، وثمر الشجر، ومعادن الأرضين. فإن الحق في أصولها ثابت بمرتبة دون هذه المرتبة. ويكون في المتولِّد منها أقوى منه في أصولها.

المرتبة الثانية: ما كان قريباً من هذا, ولكنه يخالفه بأنّ فيه شائبةً من تواضع اصطلح عليه نظامُ الجماعة أو الشريعة.

وذلك مثل حقّ الأب في أولاده الذين جعلهم الشرع بسبب


(١) كذا بالأصل. ط. (١)، لكن المؤلف ضرب عليها بخطه. ط. الاستقامة: ١٦٠.
(٢) الصافات: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>