للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استقريت ما يستخلص منه مقصد الشريعة في أحكام النكاح الأساسية والتفريعية فوجدته يرجع إلى أصلين:

الأصل الأول: اتضاح مخالفة صورة عقدهِ لبقية صور ما يتفق في اقتران الرجل بالمرأة.

الأصل الثاني: أن لا يكون مدخولاً فيه على التوقيت والتأجيل.

فأما الأصل الأول فقد اتضح لك أمره مما قدمناه آنفاً، وقد راعت الشريعةُ فيه تلك الصور المشروحة في حديث عائشة رضي الله عنها التي قِوامُها التفرقة بين النكاح وبين غيره من المقارنة المذمومة المعرَّضة للشك في النسب. وقوامُ ذلك يحصل بثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن يتولّى عقدَ المرأة وليٌّ لها خاصٌّ إن كان أو عامٌّ, ليظهر أن المرأة لم تتولَّ الركون إلى الرجل وحدها دون علم ذويها, لأن ذلك أول الفروق بين النكاح وبين الزنا والمخادنة والبغاء والاستبضاع. فإنها لا يرضى بها الأولياء في عرف الناس الغالب عليهم، ولأن تولّي الوليّ عقد مولاته يهيئه إلى أن يكون عوناً على حراسة حالها وحصانتها، وأن تكون عشيرتُه وأنصارُه وغاشيتُه وجيرتُه عوناً له في الذبّ عن ذلك [وهذا متفق عليه في الجملة بين فقهاء الأمصار فيما به الفتوى] (١).

واشتراط الولي في عقد النكاح هو قول جمهور فقهاء الأمصار. وقال أبو حنيفة: هو شرط في نكاح الصغير والمجنون والرقيق (٢). والوليّ العام القاضي إن لم يكن للمرأة وليّ من العصبة.


(١) الإضافة مضروب عليها في نسخة المؤلف المصححة من ط (١). انظر الاستقامة: ١٦٩.
(٢) دون الحرة البالغة العاقلة بكراً كانت أو ثيباً, لأن النكاح ينعقد برضاها، ولأن لها التصرف في خالص حقها, وهي من أهله. ولهذا كان لها التصرف =

<<  <  ج: ص:  >  >>