للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة. فإن المهر شعار النكاح لأنه أثر من المعاملات القديمة عند البشر التي كان النكاح فيها شبيهاً بالملك. وكانت الزوجة شبيهة بالرقيق. فليس المهر في الإِسلام عوضاً عن البضع كما يجري على ألسنة الفقهاء على معنى التقريب، إذ لو كان عوضاً لروعي فيه مقدار المنفعة المعوض عنها, ولوجب (١) تجدد مقدار من المال كلّما تحقق أن المقدار المبذول قد استغرقته المنافع الحاصلة للرجل في مدة من مدد بقاء الزوجة في عصمته، مثل عوض الإجارة، ولو كان ثمنَ المرأة لوجب إرجاعُها إياه للزوج عند الطلاق.

كيف وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (٢) الآية. فهو عطية محضة، ولكن المهر شعار من شعار النكاح وفارق بينه وبين الزنا والمخادنة. ولذلك سماه الله تعالى نحلة. فقال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (٣). فأما تسميته أجراً في قوله: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (٤) فمؤول (٥). ومن أجل هذا حرم نكاح الشغار لخلوّه من المهر. وقد اصطبغ النكاح في صورته الشرعية بصبغة العقود من أجل الإيجاب


= في المال. وقال أبو يوسف ومحمد: لا ينعقد إلا بولي. وقال الأسبيجابي: وعن أبي يوسف أنه رجع إلى قول أبي حنيفة وهو الصحيح. وصرح في الهداية بأنه ظاهر الرواية. ثم قال: ويروى رجوع محمَّد إلى قولهما. واختاره المحبوبي والنسفي. الميداني. اللباب في شرح الكتاب: ٣/ ٨.
(١) ورد بلفظ: ولوجوب بالأصل والتغيير من ط. الاستقامة: ١٦٩.
(٢) النساء: ٢٠.
(٣) النساء: ٤.
(٤) المائدة: ٥.
(٥) انظر التحرير والتنوير: ٦/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>