فقررت الشريعة معنى المحرمية بالنسب، وهو تحريم الأصول والفروع في النكاح، حتى تكون القرابة التامة مرموقة بعين ملؤها عظمة ووقار وحب بجلال لا يخالطه شيء من معنى اللهو والشهوة. فلأجل ذلك حرم نكاح القرابة المنصوص عليها.
وحكمة تحريم ما حرم تزوجُّه مختلفة بحسب اختلاف أنواع المحرّمات.
فأما المحرمات بالنسب فقال الفخر في تفسيره:"ذكر العلماء أن السبب لهذا التحريم أن الوطء إذلال وإهانة، فإن الإنسان يستحيي من ذكره. فوجب صون الأمهات عنه"(١). وكذلك القول في البقية.
أقول: وتحرير ذلك، حيث كان معظم القصد من النكاح الاستمتاع كانت مخالطة الزوجين غير خالية من نبذ الحياء. وذلك ينافي ما تقتضيه القرابة من الوقار لأحد الجانبين والاحتشام لكليهما. وذلك ظاهر في أصول الشخص وفروعه وفي صنوان أصوله من عمة أو خالة. وأما صنوان الشخص وهم الإخوة والأخوات فلقصد إيجاد معنى الوقار بينهما.
أما محرّمات الصهر فبعضها إلحاق بالنسب مثل أم الزوجة فإنها
(١) تمام ما جاء في التفسير الكبير: ولا يقدم عليه إلا في الموضع الخالي. وأكثر أنواع الشتم لا يكون إلا بذكره. وإذا كان الأمر كذلك وجب صون الأمهات عنه لأن إنعام الأم على الولد أعظم وجوه الإنعام. فوجب صرفها عن هذا الإذلال، والبنت بمنزلة جزء من الإنسان وبعض منه. قال عليه الصلاة والسلام: "فاطمة بضعة مني" فيجب صونها عن هذا الإذلال لأن المباشرة معها تجري مجرى الإذلال. الرازي: ١٠/ ٢٧.