للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ارتباك حالة العائلة. فكان شرع الطلاق لحل آصرة النكاح. وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (١).

وجعل أمر الطلاق بيد الرجل من الزوجين لأنه في غالب الأحوال أحرصُ على استبقاء زوجه وأعلق بها وأنفذ نظراً في مصلحة العائلة. على أنه قد جعل للمرأة الوصول إلى الطلاق بطريق الخلع، أو بطريق الرفع إلى الحاكم إن حصل إضرار. كما جعل للمرأة أيضاً مخلصاً مما عسى أن يكون في بعض الرجال، أو في عرف بعض القبائل أو العصور من حماقة أو غلظة جلافة، أو تسرع إلى الطلاق اتباعاً لعارض الشهوات، بأن تشترط أن يكون أمر طلاقها بيدها، أو أمر الداخلة عليها بيدها، أو إن أضرَّ بها فأمرها بيدها، أو نحو ذلك.

وفي الحديث الصحيح: "أحق الشروط أن يوفّى به ما استحللتم عليه الفروج" (٢). وقد قال سعيد بن المسيب بإبطال الشروط اللاحقة


(١) البقرة: ٢٢٩. تعرض فقهاء المالكية في كتب الإجراءات الشرعية إلى صورة من صور الطلاق في مبحث الإسقاط. ووردت في المسألة الثانية منه في الطريقة المرضية في الإجراءات الشرعية على مذهب المالكية قال: من شَرَطَ لزوجته إن تزوج عليها أو تسرّى أو أخرجها من بلدها فأمْرُها بيدها. فتقول: اشهدوا أنه متى فعل زوجي ذلك فقد اخترت نفسي، أو اخترت زوجي. فذلك يلزمها على المعروف من قول مالك. ولو شَرَطَ ذلك لها ثم أسقطت الشرط، وأباحت له التزوج أو التسرّي أو الخروج، فإن كان بقرب إرادة فعل الزوج لزمها الإسقاط ولا رجوع لها. وإن تراخى فعل الزوج، كان لها الرجوع فيما أباحت له. قاله ابن القاسم، في سماعه عن مالك، وبه الحكم. قال ابن مغيث: فلو كان الشرط طلاق الداخلة، وعتق السرية فليس لها إسقاط ذلك. محمَّد العزيز جعيط: ١٢١.
(٢) حديث عقبة بن عامر. انظر ٥٤ كتاب الشروط، ٦ باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح، وهو بلفظ: "أحق الشروط أن توفوا". خَ: ٣/ ١٧٥؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>