للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكره، قد صرَفا أقوال الشريعة عن الصراحة في الحث على اكتساب المال، وفي بيان محاسن اكتسابه لِمَن أقام نفسه في مقام السعي والكد، لكيلا ينضم حثُّها إلى ما في داعية النفوس من الحرص على المال.

تلك الداعية التي أشار إليها قوله تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} (١)، وقوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} الآية (٢) حذاراً من أن يحصل من اجتماع الداعيتين تكالب الأمة على اكتساب المال والافتتان به، مُعرضين عما خلا ذلك من أسباب الكمال. قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (٣) وقال: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} (٤).

وفي الحديث الصحيح: "أخاف عليكم أن تنافسوا فيها كما تنافس الذين من قبلكم فتُهْلِكَكُم كما أهلكتهم" (٥) فشبه التنافسَ


(١) الفجر: ٢٠.
(٢) آل عمران: ١٤.
(٣) التغابن: ١٥.
(٤) سبأ: ٣٧.
(٥) هذا حديث عمرو بن عوف الأنصاري. وقد ورد بروايتين الأولى: "تهلككم كما أهلكتهم"، والثانية: "وتلهيكم كما ألهتهم"، والأولى أشهر. ونصه عند البخاري: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "أبشروا وأملوا. فوالله لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم": ٥٨ كتاب الجزية، ١ باب الجزية والموادعة، ح ٢. خَ: ٥/ ١٨؛ ٨١ كتاب الرقاق، ٧ باب ما يحذر من زهرة الحياة الدنيا والتنافس فيها. خَ: ٧/ ١٧٢ - ١٧٣؛ انظر ٣٨ كتاب صفة القيامة، باب ٢٨، =

<<  <  ج: ص:  >  >>