للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دعوته الناس إلى الانكفاف عن جمع المال، وإنبائه إياهم بأن ما جمعوه يكون وبالاً عليهم في الآخرة، إذ كان يجهر بذلك في دمشق ويقول: "بشّر الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم" (١)، ويقرأ قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} (٢) الآية. فقال له معاوية بن أبي سفيان أمير الشام: ذلك نازل في أهل الكتاب لا فينا، وما أدّي زكاته فليس بكنز. فيأبى أبو ذر أن ينكفّ عن مقالته حتى شكاه معاوية إلى عثمان، فكتب إليه عثمان أن يرجع إلى المدينة، ثم تكاثر الناس عليه فاختار العزلة في الرَّبَذَة (٣) *.

هذا وقد تقرر عند علمائنا أن حفظَ الأموال من قواعد كليات الشريعة الراجعة إلى قسم الضروري. ويُؤخذُ من كلامهم أن نظام نماء الأموال وطرق دورانها هو معظم مسائل الحاجيات كالبيع


(١) أورد مسلم حديثاً قريباً منه، نسبه إلى أبي ذر قال: "بشر الكانزين بكيّ في ظهورهم يخرج من جنوبهم، وبكَيِّ من قبل أقفائهم يخرج من جباههم": ١٢ كتاب الزكاة، ١٠ باب في الكَنازين للأموال والتغليظ عليهم، ح ٣٥. مَ: ١/ ٦٩٠.
(٢) التوبة: ٣٤.
(٣) * الرَّبَذة - بفتح الراء والباء -: قرية شرقي المدينة تبعد عن المدينة مسيرة ثلاث مراحل، خربت سنة ٣١٩ هـ بالقرامطة. اهـ. تع ابن عاشور.
[قرية من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز، إذا رحلت من فيد تريد مكة، وبها قبر أبي ذر الغفاري ... وقال الأصمعي: والشرف كبد نجد، وفي الشرف الرَّبَذة وهي الحمى الأيمن، بينها وبين السليلة ٢٣ ميلاً. الفيروزآبادي. الغنائم المطابة في معالم طابة: ١٥١].

<<  <  ج: ص:  >  >>