للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإجارة والسَّلَم. وقد ألمعنا إلى قاعدة حفظ الأموال ونمائها في مبحث أنواع المصلحة المقصودة من التشريع (١)، وأما تفصيل ذلك فموضعه مبحثنا هذا.

وقد أشرت في المبحث المتقدم [إلى] أن المقصد الأهم هو حفظ مال الأمة وتوفيره لها، وأن مال الأمة كان كُلًّا مجموعياً فحصول حفظه يكون بضبط أساليب إدارة عمومه، وبضبط أساليب حفظ أموال الأفراد وأساليب إدارتها. فإن حفظ المجموع يتوقّف على حفظ جزئياته، وإن معظم قواعد التشريع المالي متعلقة بحفظ أموال الأفراد وآئلة إلى حفظ مال الأمة, لأن منفعة المال الخاص عائدة إلى المنفعة العامة لثروة الأمة.

فالأموال المداولة بأيدي الأفراد تعود منافعُها على أصحابها وعلى الأمة كلَّها, لعدم انحصار الفوائد المنجرَّة إلى المنتفعين بدوالها. وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (٢). فالخطاب للأمة أو لولاة الأمور منها. وأضاف الأموالَ إلى ضمير غير مالكيها لأن مالكيها هنا هم السفهاء المنهي عن إيتائهم إياها. وقوله: {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} يزيد الضميرَ وضوحاً ويزيد الغرضَ تبياناً، إذ وَصَفَ الأموال بأنها مجعولة قيامًا لأمور الأمة (٣) *.


(١) انظر أعلاه: ٢٣٠.
(٢) النساء: ٥.
(٣) * قرئ "قَيْماً" [قرأ به نافع وابن عامر] وقرئ قياماً [عند الجمهور] , وهي بمعنى واحد, لأن قَيْماً بوزن عَوْذ [بمعنى عياذ. وهو من الواوي وقياسه قوم إلا أنه أعلّ بالياء شُذُوذاً كما شذَّ جياد في جمع جواد، هو اسم لما يقام به الأمر، و (قياماً) مصدر بمعنى ذلك، وقواماً كذلك وهو ما يتقوم به =

<<  <  ج: ص:  >  >>