للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قبول التداول، أي التعاوض به فذلك فرعٌ عن كثرة الرغبة في تحصيله. وهذا التداول يكون بالفعل، أي بنقل ذات الشيء من حوز أحد إلى حوز آخر، ويكون بالاعتبار، مثل عقود الذمم كالسَّلَم والحوالة وبيع البرنامج ومصارفة أوراق المصارف، أي: البنوك (١) *.

وأما كونه محدودَ المقدار فلأن الأشياءَ التي لا تنحصر مقاديرها لا يقصد الاختصاص بمقادير منها، فلا تُدَّخر، فلا تُعدّ ثروة. وذلك مثل البحار والرمال والأنهار والغابات. على أن مثل الأخيرين قد يُعدّ وسيلة ثروة باعتبار ما يحصل بهما من خصب وتشغيل. ولم يقع الاصطلاح على عدّ البحار ثروةً وإن كانت قد تسهل مواقعها لبعض الأقطار السفر فيها دون بعض آخر (٢). وأما


= يسمونهما مالاً، قال تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} النساء: ٢٤، مع قوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} النساء: ٢٠. اهـ. تع ابن عاشور. [راجع نزيه حماد، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء: ٢٣٧].
(١) * البنوك، جمع بنك: كلمة فرنسية مأخوذة من كلمة بانكو في اللغة اللاتينية، ومعناها محل جلوس للكتابة أو مجلس مطلقاً، ثم أطلقت على المقعد الذي يتخذه الصيرفي لصرف النقود. ثم توسعوا فيه فصار بمعنى الدار التي يشتغل فيها جماعة من الصيارفة للصرف، وتحويل الحوالات التجارية والسفاتج. اهـ. تع ابن عاشور. [والبديل عنها عربية: مَصْرِف].
(٢) ليس جانب النفع مقصوراً على ما ذكره الإِمام هنا. فإن الشيخ قد جعل ذلك من رأس المال عندما تحدث عن الأرض وذكره في تفسير آيات كثيرة وذلك بقوله: ما يصل إليه عمل الإنسان في الكرة الأرضية بما فيها من بحار وأودية ومنابع مياه وغيرها فيصبح كلام الشيخ متجاوزاً ذلك النفع إلى أنواع أخرى من الثروة المائية المادية ألمح إليها القرآن في غير ما آية النحل: ١٤، فاطر: ١٢، الرحمن: ١٩ - ٢٥. فهذه الآيات وإن يتصف في أكثرها للتنويه بعظمة الخالق وما أودعه في الكائنات من أسرار وأقامه =

<<  <  ج: ص:  >  >>