للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفنون في تقديم نتائج أذواقهم وأناملهم. هذه النفقاتُ هي المشار إليها بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (١)، وقوله: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} (٢). غير أن الشريعة لم تعمد إلى هذا النوع من الاستنفاد بالطلب الحثيث اكتفاء بما في النفوس من الباعث عليه كما قدمنا الإشارة إليه في أوليات هذا المبحث (٣)، وتجنّباً من أن يصير التحريض عليه حملاً للأمة على السَّرفِ الذي يعرّض صاحبه لاختلال ثروتَه فيكون اختلالاً لجزء من نظام الثروة، وذلك قد يجرّ إلى اختلال الكل.

ومن وسائل رواج الثروة تسهيل المعاملات بقدر الإمكان، وترجيح جانب ما فيها من المصلحة على ما عسى أن يعترضَها من خفيف المفسدة. ولذلك لم يُشترط في التبايع حضورُ كلا العوضين، فاغتفر ما في ذلك من احتمال الإفلاس. وشُرعت المعاملات على العمل مثل المغارسة والمساقاة واغتفر ما في ذلك من الغرر. وشرعت البيوعات على الأوصاف كالبرنامج (٤) واغتفر ما في ذلك من


(١) الأعراف: ٣٢.
(٢) الأعراف: ٣١.
(٣) انظر أعلاه: ٤٦٤.
(٤) البرنامج بفتح الباء والميم على الصحيح وبفتح الباء وكسر الميم. معرب برنامه بالفارسية. ابن عاشور. كشف المغطى: ٢٨٠ - ٢٨١: الدفتر المكتوب فيه صفة ما في العدل من الثياب المبيعة. الدردير: ٣/ ٤١. وعرّف أبو عمر بن عبد البر بيع البرنامج بقوله: هو من بيوع المرابحة. وهو بيع المشاع على الصفة، العشرة أحد عشرة ونحو ذلك. أجازه مالك وأكثر أهل المدينة لفعل الصحابة. وكرهه آخرون, لأن الصفة إنما تكون في المضمون وهو السلم. الزرقاني، شرح الموطأ: ٣/ ٣٢٠. انظر ٣١ =

<<  <  ج: ص:  >  >>