للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قالوا في عامل المساقاة - إذا عجز عن الإتمام -: إنه يأتي بعامل آخر لا يضر بصاحب الحائط ولو كان دون العامل الأول في الأمانة. وإذا لم يجد من يخلفه في العمل فإن له أن يبيع حظه في الثمار إذا بدا صلاحُها، ويستأجر من يُكمِل العملَ، ويكون للعامل الأول ما فضل. وقال المالكية في عامل المغارسة: إن له أن يبيع حقَّه في العمل لآخر يقوم مقامَه (١). وهي مسألة من غُرر مسائل الفقه المالكي.

الثامن: الابتعاد عن كل شرط أو عقد يشبه استعباد العامل، بأن يبقى يعمل طول عمره أو مدة طويلة جداً بحيث لا يجد لنفسه مخرجاً، ولأجل هذا نجد علماءنا يقولون بفساد المساقاة في الشجر الذي لا ينقطع إثماره في وقت من السنة كشجر الموز وكالقضب (٢). وكذلك ما تطول مدة إثماره لصغره كالمساقاة على وَدِيِّ النخل ونشء شجر الزيتون.

وقد قال علماء إفريقية: إن تلقيحَ الشجر الذي لا يُنتفع به كجبوز الزيتون العتيق في جبل وسلات بقرب القيروان يجري مجرى المغارسة لا مجرى المساقاة.

وعندي أن تأجيل مدة المساقاة في الشجر المخلف للأثمار كالموز أجلاً يحصل فيه الانتفاعُ للعامل خير من إبطال المساقاة في


(١) وهذا مفاد التنبيه السادس الذي أورده التسولي في المسألة حيث قال: إذا عجز الغارس قبل تمام العمل أو أراد سفراً فله أن يأتي بمن هو مثله يُكمل عمله بأقل من الجزء الذي دخل عليه أو بمساو له. البهجة في شرح التحفة: ٢/ ١٩٩.
(٢) إذا كان الشجر مما يخلف لم تصح مساقاته حيث كان لا يقطع. أما ما يخلف مع كونه يقطع كالسدر فتصح. الزرقاني شرح خليل: ٦/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>