للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاوضات. فأما اشتراط عدم التحويز فسيجيء القولُ فيه عقب هذا.

المقصد الرابع: أن لا يُجعل التبرع ذريعة إلى إضاعة مال الغير من حق وارث أو دائن. وقد كانت الوصايا في الجاهلية قائمةً مقام المواريث، وكانوا يميلون بها إلى حرمان قراباتهم وإعطائها كبراء القوم لحبّ المحمدة والسمعة. قال القاضي إسماعيل بن إسحاق (١): "لم يكن أهل الجاهلية يعطون الزوجة مثل ما نعطيها ولا يعطون البنات ما نعطيهن، وربما لم تكن لهن مواريث معلومة يعملون عليها".

فلما أمر الله بالوصية للوالدين والأقربين ثم شرع المواريث كان خيال الوصية الجاهلية لم يزل يتردّد في نفوسهم. فمن أجل ذلك قصرت الوصية على غير الوارث وجعلت في خاصة ثلث المال. كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "الثلث والثلث كثير. إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون الناس" (٢). وقد مضى آنفاً قول أبي بكر لعائشة: "وإنما هو


= وخامسها: أنه يكون حبساً على الموهوب له أو المتصدَّق عليه لا شرط من أنه لا يبيع ولا يهب. وهو قول سحنون. فإذا مات المتصدَّق عليه على هذا القول رجع ذلك إلى المتصدِّق أو إلى ورثته أو إلى أقرب الناس إليه، على اختلاف قول مالك فيمن حبّس على معين.
وأظهر هذه الأقوال القول الرابع للرجل أن يفعل في ماله ما شاء: إن شاء بتته للموهوب له من الآن، وإن شاء أعطاه المنافع خاصة ليستربح الانتفاع بما وهبه ويرى أثر هيأته عليه.
وورد مثل هذا الكلام منقولاً عن ابن رشد. البيان والتحصيل: ١٧/ ٥٤٠ - ٥٤٢. والأقوال الخمسة في مواهب الجليل، انظر: الحطاب: ٦/ ٥٠.
(١) تقدمت ترجمته: ٣٤٤/ ٤.
(٢) تقدم: ١٣٦/ ٣، ٤٥٤/ ٢، ٤٧٤/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>