للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يزل الفقهاء يضيفون إلى أحكام المرافعات ضوابطَ وشروطاً كثيرة ما كان السلف يراعونها. وأحسن طرق فقهاء الإِسلام في ذلك فيما رأيت طريقة علماء الأندلس وهي مفصلةٌ في كتب النوازل والتوثيق (١). وأهمّ أركان نظام القضاء هو القاضي، فإنّ في صلاحه وكماله صلاحَ بقية ما يحفُّ به من الأحوال.

وقد ظهر أن مقصد الشريعة من القاضي إبلاغُهُ الحقوق إلى طالبيها. وذلك يعتمد أموراً: أصالة الرأي، والعلم، والسلامة من نفوذ غيره عليه، والعدالة.

فأصالة الرأي تستدعي العقل، والتكليف، والفطنة، وسلامة الحواس. وفي الحديث: "لا يقضي القاضي وهو غضبان" (٢).

وأما العلم فالمراد به العلم بالأحكام الشرعية التي يجري بها القضاءُ فيما وَلِي عليه من أنواع النوازل. وقد جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وجه معاذاً قاضياً إلى اليمن قال له: "كيف تقضي؟ " قال: بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد"، قال: فبسنة رسول الله، قال: "فإن لم تجد"، قال: أجتهد برأيي ولا آلو. رواه الترمذي وأبو داود (٣). وقد قال مالك: "لا أرى خصال القضاء


= سمعت بالسكّين إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا المدية". خَ: ٤/ ١٣٦ - ١٣٧. ابن حجر. الفتح: ٦/ ٤٦٤ - ٤٦٥.
(١) انظر تفصيل القول بعد: ٥٤٠/ ٢.
(٢) تقدم: ٢٥٦/ ٣.
(٣) هو عند الترمذي بلفظ: "أجتهد رأيي، مقتصراً عليه": ١٣ كتاب الأحكام، ٣ باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، ح ١٣٢٧. تَ: ٣/ ٦١٦؛ انظر ٢٣ كتاب الأقضية، ١١ باب اجتهاد الرأي في القضاء، ح ٣٥٩٢. دَ: ٤/ ١٨ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>