للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض المحققين من علمائنا وأظنّه ابن عرفة: في عزل القاضي توهينٌ لحرمة المنصب، على أنه قد صار فيما بعد عصر السلف لصاحب الخطة حقٌ في بقائها، نظراً لضعف آراء وعدالة الأمراء الذين يولون القضاة (١). وقد اصطلح بعضُ سلاطين الدولة الحفصية على أن القاضي لا يبقى في خطبة القضاء أكثر من ثلاث سنين، وهذا خطأ من التصرف (٢).


(١) وليس هذا على إطلاقه إن صحّ عنه, لأنه يقول: ويجب تفقد الإِمام حال قضاته فيعزل مَن في بقائه مفسدة وجوباً فوراً، ومَن يخشى مفسدته استحباباً، ومن غيره أولى منه عزْلُه راجح. حكاه الحطاب. مواهب الجليل: ٦/ ١١٣.
(٢) في إتحاف أهل الزمان: وكان السنن في الدولة الحفصية أن القاضي لا يبقى في خطبة القضاء بجهته أكثر من ثلاث سنين ثم ينتقل لغيرها، إلى أن يتصدر لقضاء الحاضرة ثم يتصدر للفتوى والشورى. ابن أبي الضياف: (١) ١/ ١٨٧.
وتلك عادة سابقة للموحدين، عند حكمهم إفريقية، كانت تمليها الظروف السياسية ومخافة السلاطين من مزاحمة قاضي الجماعة لنفوذهم وتدخله في شؤونهم.
المراكشي. تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية: ٤٤.
وقد تعطلت هذه العادة بتولي أبي زكرياء الحفصي الحكم واستقلاله به حيث أبقى على القضاء أبا عبد الله بن زيادة الله القابسي. ولم يعيّن في مدة ولايته طوال عشرين عاماً غير ثلاثة قضاة. وسار ابنه المستنصر سيرته فلم يعزل قاضي الجماعة عبد الرحمن بن علي التوزري ٦٥٧ هـ إلا بعد عشر سنوات من ارتقائه العرش. ومن يوم حصول الاعتراف من دول المشرق بالدولة الحفصية لم تثبت ولاية القضاء، فتعاقبت التعيينات والإعفاءات في فترات قصيرة جداً. كانت أحياناً لا تزيد على بضعة أشهر. ثم عاد الأمر إلى نصابه وبقي القاضي أحمد بن الغماز من سنة ٦٦٢ - ٦٩٣ هـ، والقاضي =

<<  <  ج: ص:  >  >>