للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدالة شرط في صحة ولاية القضاء (١).

وقد تكلم العلماء في عزل القاضي، وتردّدت أنظارهم في ذلك بناء على اعتباره كوكيل عن الأمير من جهة، وعلى وجوب حرمة هذا المنصب في نظر الناس من جهة أخرى. وهي مسألةٌ لها مزيد تعلق بالسلامة من نفوذ غيره عليه, لأن العزلَ غضاضة عليه، وتوقّعَه ينقص من صرامته إن لم يغلبه دينه. قال المازري: إن عُلِمَ علمُ القاضي وعدالتُه ولم يقدح فيه قادح لم يعزل بالشَّكية. وسئل عن حاله بسببها سراً. ومن لم تتحقق عدالتُه في عزله بمجردها قولان. قال أصبغ: يعزل، وقال غيره: لا يعزل (٢). قالوا: ولم يحفظ أن عمر عزل قاضياً، أي مع كونه عزل الأمراء بمجرد الشكية. عزل سعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وشرحبيل. قلت: ولا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عزل قاضياً ولا أن أبا بكر عزل قاضياً.


(١) قال القاضي عياض في التنبيهات: وشروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها ولا تنعقد الولاية ولا يستدام عقدها إلا معها عشرة: الإِسلام، والعقل، والذكورية، والحرية، والبلوغ، والعدالة، والعلم، وكونه واحداً، وسلامة حاسة السمع والبصر، وسلامة اللسان. قال سحنون: وأما العدالة، فلأنه لا تصح ولاية غير العدل. فمن لا تجوز شهادته لا تصحّ ولايته. وقال أيضاً: تصح ويجب عزله. ابن فرحون. التبصرة: ١/ ١٨.
وقد فصل القول في ذلك من قبل ابن رشد. المقدمات: ٢/ ٨٥٨ - ٢٥٩.
(٢) جاء في المقدمات: ومن لم تجتمع فيه سلامة السمع والبصر واللسان والعدالة وجب أن يعزل متى عثر عليه، ويكون ما مضى من أحكامه جائزاً إلا الفاسق الذي ليس بعدل. فاختلف فيما مضى من أحكامه. قيل: إنها جائزة، وهو قول أصبغ، وقيل: إنها مردودة، وهو المشهور في المذهب. فعلى هذا القول، العدالة مشترطة في صحة الولاية كالإِسلام والحرية والبلوغ والعقل والذكورة على مذهبنا، والتوحد. ابن رشد: ٢/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>