للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الحق. وقد يمتد التنازع بينهما في ترويج كلٍّ شبهتَه، وفي كلا الحالين تحصل مفسدةُ تعريض الأخوة الإِسلامية للوهن والانخرام.

ومنها تطرق التهمة إلى الحاكم في تريّثه بأنه يريد إملال المحق حتى يسأمَ متابعةَ حقِّه فيتركه فينتفع المحقوق ببقائه على ظلمه، فتزول حرمة القضاء من نفوس الناس. وزوالُ حرمته من النفوس مفسدة عظيمة.

فهذا تعليله من جهة المعنى والنظر. ووراء هذا أدلة من تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. ففي الآثار الصحيحة الكثيرة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي بين الخصوم في مجلس المخاصمة الواحد ولم يكن يُرجئُهم إلى وقت آخر، كما قضى بين الزبير والأنصاري في ماء شراج الحرة (١) *، وكما قضى بين كعب بن مالك وعبد الله بن أبي حدرد بالصلح بينهما بالنصف في دين لكعب على ابن أبي حدرد (٢) *. وكما قضى بين رجل ووالد عسيفه أي أجيره (٣) *


(١) * الحديث في الصحيحين: أنه اختصم الزبير وحميد الأنصاري في شراج من الحرة أي مسايل ماء بالحرة - أرض تحيط بالمدينة - كانا يسقيان به. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: "اسق حتى يبلغ الماء الجدر أي جدر حوض النخل ثم أرسل إليه". اهـ. باختصار. اهـ. تع ابن عاشور. [تقدم الحديث وتخريجه ١٠٢/ ١].
(٢) * حديثهما في الصحيحين. [تقدم: ١١٢/ ٤]. اهـ. تع ابن عاشور.
(٣) * في الموطأ أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر وهو أفقههما: أجل يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم. قال: "تكلم". قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا، فزنى بامرأته فأخبرني أن على ابني الرجم. فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي. ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة =

<<  <  ج: ص:  >  >>