للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنظر في تطبيق هذه الأنظار إلى غالب الأحوال العارضة للناس لا إلى النوادر والقضايا الفذة.

بقي علينا إكمالُ القول في مقصد التعجيل بإيصال الحقوق إلى أصحابها، وهو مقصد من السمو بمكانة، فإن الإبطاء بإيصال الحق إلى صاحبه عند تعيّنه بأكثر مما يستدعيه تتبُّع طريق ظهوره، يثيرُ مفاسد كثيرة:

منها حرمان صاحب الحق من الانتفاع بحقّه، وذلك إضرار به.

ومنها إقرار غير المستحق على الانتفاع بشيء ليس له، وهو ظلم للمُحِق.

وقد أشار إلى هذين قوله تعالى: {لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١).

ومنها استمرار المنازعة بين المحقّ والمحقوق، وفي ذلك فسادُ حصول الاضطراب في الأمّة. فإن كان في الحق شبهةٌ للخصمين ولم يتّضِح المُحق من المحقوق، ففي الإبطاء مفسدةُ بقاءِ التردّد في تعيين


= والأصل فيما تقرر هنا ما جرى من الخلاف بين الفقهاء في المحجور عليه كما ذكره المؤلف إذا كان له وصي من قبل الأب. هل يكفي إطلاق الوصي من الحجر دون مطالعة الحاكم، أو يلزمه استئذان الحاكم حتى يكون الإطلاق بإذنه؟ وهو ما فضل القول فيه مع بيان أسبابه القرافي في جوابه عن السؤال الثاني والثلاثين، حيث علل الرجوع فيه إلى القاضي بسبب كون الحكم يحتاج إلى نظر وتحرير وبذل جهد من عالم بصير، أو كون تفويضه لجميع الناس يفضي إلى الفتن والشحناء ونحو ذلك، أو كون الخلاف في الأمر قوياً يوجب افتقار ذلك للحاكم. الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام: (٢) ١٥١ - ١٦١.
(١) البقرة: ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>