للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفسدة الراجحة والمصلحة المرجوحة والمساوية ولا مفسدة فيه ولا مصلحة. ولهذا قال الشافعي: لا يبيع الوصي صاعاً بصاع لأنه لا فائدة في ذلك" (١) اهـ.

فإذا بدا من المؤتمَن خللٌ في تصرفه ليس على سبيل الفلتة، رجع النظرُ إلى القضاء بجعل الحقَّ تحت يد أمين على الجانبين، مثل جعل الزوجين إذا تضارّا تحت نظر أمين وأمينة، ومثل إقامة ناظر على الوقف إذا ساء تصرفُ الموقوف عليه فيه. وكذلك إقامة المقدمين الوقتيين لمحاسبة الأوصياء ونظار الأوقاف، ووضع المتنازع فيه الموقوف تحت يد أمين.

وإذا عمت البلوى بسوء تصرُّف المؤتمنين فيما ائتمنوا عليه من الحقوق جاز للقضاء منعُهم من الاستبداد بالتصرّف فيها. وقد قال الشيخ ابن عطية في تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (٢) المقتضي تفويضَ ترشيد اليتيم إلى وصيه ما نصه: "قالت فرقة من أصحابنا: دفعُ الوصي المال إلى المحجور يفتقر إلى أن يرفعه إلى السلطان ويثبت عنده رشده، أو يكون ممّن يأمنهُ الحاكم في مثل ذلك. وقالت فرقة: ذلك موكول إلى اجتهاد الوصي دون أن يحتاج إلى رفعه إلى السلطان. والصواب في أوصياء زمننا أن لا يُستغنى عن رفعه إلى السلطان. وثبوت الرشد عنده، لما حُفظ من تواطؤ الأوصياء على أن يرشّد الوصي ويبرأ المحجور لسفهه وقلة تحصيله في ذلك الوقت" (٣). اهـ. ومضى العمل أخيراً في تونس بما قاله ابن عطية.


(١) تقدم: ٥١٩/ ١.
(٢) النساء: ٦.
(٣) ابن عطية. المحرر الوجيز: (١) ٣/ ٥٠٠؛ ٤/ ٢٣ - ٢٤. =

<<  <  ج: ص:  >  >>