وبقدر ما يكون الإصلاح الاجتماعي متوفرة شروطُه، مُتمازجة خصائصُه، متلاقية أبعادُه ومراميه، يقتضي من المصلحين معرفة الأحوال، وأعراضَ المرض، وأسباب الخذلان، فيحاول بذلك الدعاة تحقيقَ الحاجة الإسلامية، وإقامة الأخوة بين المؤمنين.
وقد اتضحت هذه الحقيقة لدى المسلمين كافة، وقرر أصولها علم الاجتماع بما ينبغي أن يتوفّر لدى دعاة الإصلاح من ربط أسباب النهوض والسقوط بما تكون عليه العقيدة والدين.
فالإسلام هو دين الله الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - يلقِّن العقيدة الصحيحة، ويملأ النفوس طُهراً، والقلوب تمسُّكاً بما جاء به من مبادئ وحقائق وأصول وقيم حملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمانة إلى الناس، حماية للأمة من الذوبان في غيرها، ومما يطرأ عليها من انحراف عن منهج الرشاد، يفقدها هويتها، ويُبعدها عن التمسك بدينها الذي رضيَه الله لها وأتم به نعمته عليها.
وإن طريق الإصلاح في اتباع الدين وما أَوحَى به الله. والفطرة تساير ذلك ولا تضاده. قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(١). وقد يكون منشأُ الإصلاح وسبيلُه توفيقاتٍ إلهية منزّهةً عن كل غاية بِقَدْرِ ما يظهر فيها من أدب راسخ في النفس، وبقدر ما يتضح للناس من آثار جميلة معتبرة في إقامة نظام المعاملة بين باعث خير ووازع شر.
وهذا المقصد لا يقوم إلا على الحقائق والاعتبارات الحكيمة.