للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدريس مادة كتاب الإمام مالك. وكان يأسره ويشدّه إليه جانبان هامان منه: جانب السنّة والآثار، وجانب الفقه والفتوى. وهو قد استعد لهذا الغرض بطول مزاولته للموطأ وكثرة مثافنته له. وهو ككبار أئمة العلم ممّن حدثنا عنهم أو سعدنا بلقائهم في حلقات الدروس، لا يقدم على محاضرته أو إملائه لموضع درسه من الكتاب إلا بعد الرجوع إلى أهم المصادر، واستيفاء مقالات العلماء البارزين فيه، وتعليقات الشيوخ المتمكّنين عليه. وهكذا يمكننا أن نعدّ من مصادر كشف المغطى الأساسية دروسَ الإمام في الموطأ وما رجع إليه فيها من شروح وتصانيف كانت متداولة بين الأساتذة والطلاب، مثل المنتقى للباجي، وشرح الزرقاني وتعليقات السيوطي على الموطأ، أو كانت عزيزة نادرة اجتمع له منها: القبس لابن العربي، وقسم من ترتيب المسالك له، وقطعة من التمهيد لابن عبد البر، وقطعة من الأنوار في الجمع بين المنتقى والاستذكار لابن زرَق، وتعليق لأبي محمد بن السيد البطليوسي في غريب الموطأ، ونسخة من مشارق الأنوار لعياض، وصلت إليه متأخّرة بعد أن كاد يفرغ من وضعه لكتابه.

وقد كان في أول الأمر يتطلّع إلى وضع شرح وافٍ على الموطأ يشتمل على ما انقدح له من رأي في جلسات الدرس وقبلها، فَيُلمّ بما كتبه الشراح، مضيفاً إليه ما حصل له من أفهام، أو حرّره من حقائق، أو استدركه من أنقاص، أو حلّه من مشاكل. لكن عوائق كثيرة حالت دونه ودون رغبته السامية تلك، فاقتصر على تصنيف الكشف، هذا المختصر، إنجازاً لبعض ما عزم عليه وتقييداً لملاحظاته وتعليقاته على الموطأ بما لم يسبق إليه.

وفي بداية هذا التأليف ومقدمته عرّف بموطأ الإمام مالك بن

<<  <  ج: ص:  >  >>