للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونتساءل عمن هو قادر على الاضطلاع بمهمة إصلاح التعليم، فلا يكون من سبيل إليه إلا بحصول أمرين أساسيين هما: شروط القيام بالإصلاح، وبيان الغاية من التعليم في جامع الزيتونة.

أما شروط القيام بالإصلاح فهي كما صرح بذلك الإمام الأكبر في خطبه الكثيرة، وبخاصة في خطابه الموجّه إلى دعاة الإصلاح بقوله: أن يكون الراغب في الدعوة وفي القيام بإصلاح التعليم مؤهَّلاً للاضطلاع بالعمل الإصلاحي في ميدان التعليم. ومن أهم شروط هذا التأهّل: أن يكون ممن أنشأه هذا التعليم نفسُه، عارفاً بحاجات الزمان، وغايات العلوم، نظّاراً إلى الروح لا إلى الجثمان، بعيداً عن متابعة السفاسف، خبيراً بما أصاب مزاج التعليم من العلل وبأنواع معالجتها.

وأما الشرط الثاني فهو أن يكون المصلح صادقاً مخلصاً، صبوراً مثابراً على أداء واجبه، قادراً على إقناع من حوله من الناس بضرورة الإصلاح؛ فلا يتغافلون ولا يتقاعسون ولا يعرضون أو يمتنعون عن معاضدته، بل يشدّون على يديه، ويبذلون الوسع في التعاون معه لتحقيق الغاية وبلوغ القصد.

وقد رسم للدارسين والخريجين الهدف من وراء دراستهم للعلوم الشرعية واللغوية ونحوها قائلاً: إن غاية الغايات من التعليم الإسلامي، وأسنى المقاصد للتعليم الزيتوني هو إنتاج قادة للأمة في دينها ودنياها، وهداةٍ هم مصابيح إرشادها، ومحاصِدُ قتادها، ومُهدِّئو نفوسها إذا أقلقها اضطرابُ مهادها.

ويحسُن بنا ونحن نواصل القول في إصلاح التعليم الزيتوني أن نلفت النظر إلى عمل الإمام الأكبر في هذا المجال. وهو ما أومأنا إليه قبل، فنتحدث عن الأساتذة، وهم درجات. ومن وصف الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>