لهم يَتَبَيّن لنا أن مَن يُحسن التعليم منهم قليل، لما كانوا عليه من فوارق وتفاوت في الدرجة العلمية. وقد زاده اضطراباً انصراف الطلبة في الغالب عن الدرس وانقسامهم على أنفسهم، متأثِّرين بالقسم الأول أو بالقسم الثاني من الشيوخ.
وتتأكد الإشارة هنا إلى أن هذا التعليم الإسلامي كان هو الوحيد يومئذ بالبلاد التونسية، وأن أحسن مَن تناوله بالنقد والتوجيه الإمام الأكبر. وهو كما يظهر لقراء أليس الصبح بقريب، يعالج قضايا العلم والتعليم، ويبدو لمن يطالعه أنه لم يترك قضية من القضايا الهامة إلا تعرض إليها. وذلك مثل:
١ - إيواء الطلبة في أوقات الدروس، وإقامتهم بمدارس سكناهم.
٢ - نظام الالتحاق بالجامع، أو التراتيب الإدارية المتعلقة بالانتساب إليه تعلُّماً وتعليماً، مع تفصيل القول في دفتر الشهادات، وأوقات التعليم، والإجازات التي يتمتع الطلبة فيها بالراحة والانقطاع عن الدراسة.
٣ - قضايا التعليم: الوضع قبل مرحلة الإصلاح الأولى؛ الطلبة، المدرسون، الكتب الدراسية، لجنة إصلاح التعليم، قائمة الكتب الدراسية، وما طرأ عليها من تطوير باختصارها حيناً، والتنقيص منها أخرى، والاستدراك عليها ثالثة.
ونعود إلى كتاب الإمام للوقوف على نقد أوضاع التعليم بالزيتونة، والدعوة الصريحة للإصلاح. فنرى أن الواجب يفرض علينا الإمعان في دراسة جملة من الجوانب المختلفة الأساسية التي كانت عليها الزيتونة، مع البحث عن أسباب الضعف والتأخر في هذه الجامعة العتيقة التي مر على تأسيسها ثلاثة عشر قرناً، وكان أول