إباحة تعدد الزوجات أو منعه، وإنما هو الرخصة المقيّدة، تَحدَّثَ عن جميع ملابساتها الإمام الأكبر في تفسيره لقوله عز وجل:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}(١). وبذلك تحصَّل القول الفصل من كلامه في مفردات عديدة قصدها الشارع أو نبّه عليها، نقف عند بعضها لمزيد البيان. فمن ذلك: أحوال وأحكام النكاح في الجاهلية والإسلام، وتحديد عدد الزوجات وتوزيعه، وأهداف التعدد، والعدل بين النساء، والاكتفاء بالواحدة والاقتصار عليها لمن لا يستطيع العدل بينهن، أشار إلى المقارنة بين ما كان عليه الزواج في الجاهلية وما جاء به الإسلام بقوله: قال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي وقتادة: كانت العرب تتحرَّج في أموال اليتامى ولا تتحرج في العدل بين النساء. فكانوا يتزوّجون العشرة فأكثر فنزلت الآية في ذلك. وعلى هذا القول فمحل الملازمة بين الشرط والجزاء إنما هو فيما تفرع عن الجزاء من قوله:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} ... وقال عكرمة: نزلت في قريش. كان الرجل يتزوج العشر فأكثر، فإذا ضاق ماله عن إنفاقهن أخذ مال يتيمة فتزوج منه.
وقال مجاهد: الآية تحذير من الزنى.
وليس قوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} إثباتاً لمشروعية النكاح، لأن الأمر معلّق على حالة الخوف من الجَور في اليتامى، فهو إذن للإرشاد. ومشروعية النكاح ثابتة بالإباحة الأصلية لما عليه الناس قبل الإسلام مع إبطال ما لا يرضاه الدين كالزيادة على الأربع، ونكاح المقت، والمحرّمات من الرضاعة، والأمر بأن لا يخلو النكاح من الصداق.