للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعدّد الزوجات مع التوزيع مثنى وثلاث ورباع يكون باعتبار اختلاف المخاطبين في السعة والطَّوْل، والزيادة على الأربع محرّمة بالسنة تمهيداً لشرع العدل بين النساء. فقد قال - صلى الله عليه وسلم - لغيلان بن مسلمة حين أسلم على عشر نسوة: أمسك أربعاً وفارق سائرهن. وظاهر الخطاب للناس يعم الحر والعبد عند مالك، وهو قول أبي الدرداء، والقاسم بن محمد، وسالم، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومجاهد. وبه قال أبو داود خلافاً لأبي حنيفة والشافعي. وينسب التنصيف للعبد إلى عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، وابن سيرين، والحسن.

وإنما شرع تعدّد الزوجات للقادر العادل لمصالح جمة: منها تكثير عدد الأمة بازدياد المواليد فيها، ومنها كفالة النساء اللائي هن أكثر من الرجال عدداً، ومنها الحيدة عن الزنى الذي حرمته الشريعة لما يجر إليه من الفساد في الأخلاق والأنساب وانتظام العائلات، ومنها قصد الابتعاد عن الطلاق إلا للضرورة.

والاقتصار على الواحدة حق لمن يخاف عدمَ العدل بين الزوجات، أي عدم التسوية بينهن في النفقة، والكسوة، والبشاشة، والمعاشرة، وترك الضر عن كل ما يدخل تحت قدرة المكلف وطوقه دون ميل القلب.

وقوله: {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} إشارة إلى الحكم الذي يسلم معه الإنسان من الجور. فإن التعدّد يعرّض المكلَّف إلى الجور، وإن بذل جهده في العدل لما في النفس من رغبات وغفلات. وهكذا يصبح الاقتصار على المرأة الواحدة ساداً لذريعة الجور، كما تتضمن الآية ترغيباً في الاقتصار على الواحدة تقليصاً للنسل وتقليلاً للنفقة فيبقيان على الزوج مالَه ويدفعان عنه الحاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>