صحفَ المعارضة الصادرة يومئذٍ بالفرنسية: العمل التونسي، وصوت الشعب، وصوت التونسي، على إطلاق صيحة الفزع منذرة بأن الجنسية التونسية أصبحت مهدّدة بالخطر، وأن عملية التجنيس سوف تستشري بسبب ما روّجته العامة من احتفاظ المتجنّسين بحقوقهم كمسلمين.
ومن ثم استطاعت الصحف الوطنية بواسطة الحملة الصحفية التي نظمتها إثارة الرأي العام التونسي، وبث روح المناهضة للمسلمين المتجنسين بصورة تكاد تكون جماعية. ومثل هذه الحملة التي أُسقط بها ما بأيدي الفرنسيين، وقضت بالانتصار عليهم، قد مسّت بشدّة وعنف أعضاء المجلس الشرعي، وبخاصة الإمام الأكبر، لترويج المعادين له والمتحاملين عليه بأنه كان متعاوناً مع الاستعمار وموالياً له في قضية التجنيس. وربما كان في مثل هذا التصرّف تخييب لآمال المستعمرين بما نتج عن هذا الموقف العدائي من فجوة عميقة وبُعدِ شقّة بين الأمة وقادتها العلماء، فلا ينفع المستعمر بعد ذلك الالتجاء إليهم، أو سدّاً لطريق انزلاق الفقهاء وراء استفتاء الإقامة العامة بما يعزّز موقفها ويكون حرباً على الحركة الوطنية وأصوات المعارضة.
وجدَّت أحداث كثيرة فحيل بين المتجنسين وبين دفن موتاهم في مقابر المسلمين. وكان الإضراب العام الذي أغلقت بسببه الأسواق والمحلات التجارية يوم ١٤/ ١٢/ ١٣٥١ الموافق ٨/ ٤/ ١٩٣٣، احتجاجاً على ما تخيّلوه أو توقّعوه من صدور فتوى التجنيس أو فتوى توبة المتجنس عند المجلس الشرعي. وكان إضرابُ طلبة الجامع الأعظم عن الدروس. وانتشر الاستنكار الشعبي في أطراف البلاد، وتظاهرت جماهير المواطنين أمام قصر الباي بحمام الأنف إعراباً عن استيائها من فتوى التجنيس.
وتضاربت السياسة الوطنية ودارُ الشرع بسبب ما لفّق من أخبار