للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

في خلال هذه الفترة القصيرة من عمر التاريخ التي يلتقي طرفاها على نحو قرن من الزمن، انحسرت الأيام عن أحوال واضطرابات وأوضاع وانتكاسات، زلزلت العالَميْن الإسلامي والعربي بسبب ما حاق بالدولة العثمانية، رغم ما قامت به في آخر الأمر من إصلاحات ودعت إليه من تنظيمات (١)، من تداعٍ وتفكك وضعف ووهن. فانفرطت ولاياتها واحتجب سلطانها، ودخلت الواحدة منها تلو الأخرى تحت هيمنة الغرب والحكم الأوروبي. وأطاحت القوات الانفصالية؛ جمعيةُ الاتحاد والترقي، وحزب تركية الفتاة بباقي هياكل الخلافة، وزحفت الدول الاستعمارية على البلاد العربية، وتحوّلت الخارطة السياسية للولايات العثمانية، وأصبحت مناطق نفوذ أجنبي فرض نفسه عليها، حين فقدت المَنَعَة الذاتية والحامي والنصير.

إن ما أصاب العالم الإسلامي والعربي في أوائل تلك الفترة، بسبب الوضع الجديد الذي سحق عاصمة الخلافة، لهو أشد خطراً


(١) التنظيمات الخيرية بتركيا ١٨٣٩ م، خط شريف كلخانة، خط همايون، قانون أساسي. هي جملة إصلاحات اعتمدتها الخلافة العثمانية في القرن التاسع عشر، تقضي أولاً بتعويض عساكر الإنكشارية بالعسكر النظامي، وبقطع دابر أمراء الإيالات، وبضبط السياسة الشرعية بإعانة من رجال الدولة وعلمائها العاملين، وبإحداث أنظمة كقانون إدارة مصالح الإيالات. انظر دائرة المعارف الإسلامية (١): ٤/ ٦٨٩ - ٦٩٣؛ خير الدين. أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق المنصف الشنوفي: ١/ ١٦٥ - ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>