للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدأ الإمام أولاً بإعراب {صِرَاطَ} الثانية من الآية بكونها بدلاً أو عطف بيان من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}. وتساءل إزاء هذا التصرف القولي في الآية: لِمَ كان مثل قولك: (اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم المستقيم) دون ما نطق به القرآن الكريم. ومعلوم أن الدعاء الذي علّمنا الله إياه يتأكّد ما صدقه بالأول، والثاني أو المستقيم ليس إلا وصفاً متمّماً له. وللإجابة عن هذا يذكر فائدتين للتصرّف القرآني يميِّزانه عن التأويل الذي ذكره بعضهم. وهو ما يقتضيه الترتيب المنطقي في نظرهم فيقول:

الفائدة الأولى من ورود الآية على هذا الوجه الذي انتظمته سورة الفاتحة، هي اعتبار أن المقصود من الطلب ابتداءً كون المهدى إليه وسيلة للنجاة واضحة وسهلة.

الفائدة الثانية هي تمكن معنى الصراط في نفوس المؤمنين فضلَ تمكن. وهذا ما يقتضيه في تصرفات الكلام الإجمالُ المعقَّبُ بالتفصيل.

وممّا يقوي هذا الوجه في التقدير حصولُ فائدة من التركيب مثل ما للتوكيد المعنوي، وإفادة هذا الأسلوب تقرير حقيقة هذا الصراط وتحقيقَ مفهومه في النفوس بما يحصل من ذكره مَرَّتين، فيشبه هذا التصرّف ما يحصل عن طريق التوكيد اللفظي.

وبعد هذه الفقرة المهمة النحوية البلاغية يعود بنا الشيخ رحمه الله إلى بيان اختلاف المواقف بين النحاة. فإن بعضهم يفرق بين عطف البيان والبدل ويجعلهما متفاضلين، والفريق الثاني يجعلهما متساويين، وهو الأصح عنده، لكون عطف البيان في التحقيق ليس إلا اسماً لنوع من البدل، وهو البدل المطابق. ولتأكيد

<<  <  ج: ص:  >  >>