للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصريحاً أو تقديراً، ويكون دالاً على شمول أفراد ما أضيف هو إليه.

وأضاف الفيروزآبادي إلى دلالة لفظ "كل" الموضوعة للشمول لجميع الأجزاء قوله: وقد جاء بمعنى بعض، ضِدٌّ. يقول الإمام الأكبر: أدْخلت هذه الزيادة من الفيروزآبادي تحقيقاً وإشكالاً. ولبيان ذلك وتفصيل القول فيه نقل عن الزبيدي في شرحه أن أصل ما جاء في القاموس من ذلك هو كلام الفيومي في المصباح، وما أشار إليه ابن السّيد البطليوسي في كتاب الإنصاف. والتحقيق أن كلام الفيومي مخالف لكلام القاموس. قال الفيومي: وقد يستعمل بمعنى الكثير كقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (١). فالآية تذكر أن التدمير تناولهم جميعاً وامتد إلى مساكنهم، دون أن يصل ذلك إلى غيرهم. وهذا التأويل غير محرر، لأنه لم يبين هذا الاستعمال أهو مجاز يحتاج إلى قرينة أم هو حقيقة بسبب اشتهار ذلك وكثرته.

وأما عن كلام ابن السِّيد البطليوسي الذي تعرّض فيه، في باب الخلاف العارض من جهة العموم والخصوص، إلى ذكر شاهدين. أولهما قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (٢). وثانيهما قوله عز وجل: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} فهو من باب العام المخصوص. خصّصه قوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}. ومن هذا ندرك أن المدمَّر غير المساكن. وفيما أوردناه اتفاق بين الفيومي وابن السيد في اعتبار هذا الشاهد مؤولاً عندهما بأنه من العام المخصوص.

وحكى الزبيدي عن شيخه أن "كلّ" استعملت بمعنى "بعض". وذكر لهذا شاهداً لم يثبت. وهو قول عثمان حيث قيل له: أبأمرك هذا؟ فقال: كل ذلك بأمري، وبعضه بغير أمري. وهذه المقالة


(١) الأحقاف: ٢٥.
(٢) النمل: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>