للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول دافع لهم للتحرك وتنظيم الصف والإعداد للمواجهة آيتان كريمتان ظلَّتا تسيطران على أولي النهى من المؤمنين الصادقين والدعاة الصالحين: الأولى قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (١)، والثانية قوله عزّ وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (٢). وبدأ المفكِّرون والعلماء بالدعوة والتوعية وتأكيد الارتباط؛ ارتباط المواطنين بمقوِّمات هويَّتهم وأسباب عزّتهم.

وتجدّدت روح الإيمان في النفوس - والإيمان أساس المواقف الصادقة والبذل والعطاء - وتَمسّكَ المناضلون بعقيدتهم، والتَزموا أوامر دينهم، ونَشرَ المصلحون أصول النهضة، وبنوا أسس وحدة الأمة، وغرسوا أسباب التقدم والرقي. وظهر بالآستانة وتونس مناصرو التنظيمات من الشيوخ والعلماء أمثال شيخ الإسلام أحمد عارف بإسطنبول، والعالم الصالح الفقيه الزاهد الشيخ إبراهيم الرياحي بتونس (٣). وساندت هؤلاء جمهرة من رجال الفكر والعلم والسياسة كالشيخ محمود قابادو مدير المدرسة الحربية بباردو، وشيخ الإسلام سالم بوحاجب، والأستاذ المحقِّق الشيخ محمد النَّخْلي، والمؤرخ أحمد ابن أبي الضَّياف صاحب الإتحاف، والوزير المصلح خير الدين باشا التونسي.

وكان اعتماد هذه الثلّة المناضلة، في توجيه المواطنين، وبناء


(١) المنافقون: ٨.
(٢) الأنفال: ٦٠.
(٣) خير الدين. أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك: ١/ ١٦٧ - ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>