للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية في قوله:

إذا أنشد حماد ... فقل أحسن بشار (١)

وقد كناه بأبي معاذ لِدَاتُه وأكثرُ معاصريه. ومنهم أبو العتاهية الذي استحسن بشار شعرَه كما يعلن ذلك قولُه:

كم من صديق لي أسا ... رِقُه ابتلاء من الحياءِ

فإذا تأمّل لامني ... فأقول ما بي من بكاءِ

لكن ذهبت لأرتدي ... فطرفت عيني بالرداءِ (٢)

فأجابه العتاهي متلطفاً: لا والله يا أبا مُعاذ، ما لذت إلا بمعناك، ولا اجتنيت إلا من غرسك. فإنك أنت الذي يقول:

شكوت إلى العواذل ما ألاقي ... وقلت لهن: ما يومي بعيد

فقلن: بكيت، قلت لهن: كلا ... وهل يبكي من الطرب الجليد

ولكنّي أصاب سوادَ عيني ... عُويدُ قذى له طرف حديد

فقلن: فما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود (٣)

ولقب بالمُرَعَّث، وتأوّلوا في ذلك التآويل. وصرح ابن برد بهذا اللقب في شعره فقال:

أنا المرعّث لا أخفى على أحد ... ذرّت بِيَ الشمسُ للقاصي وللداني (٤)

وقال أيضاً:

فُتِنَ المرعّث بعد طول تصاح ... وصبا ومَلَّ مقالةَ النُّصَّاح (٥)

فإذا أردنا الجوهر من هذه المقدمة، ووضْعَ أيدينا على


(١) مثبت في الملحقات: ١/ ٢٥٦.
(٢) ابن عاشور. ديوان بشار: ١.
(٣) المرجع السابق: ١/ ٨٩.
(٤) المرجع السابق: ١/ ١٣.
(٥) ابن عاشور. ديوان بشار: ١/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>