للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب إسحاق الموصلي. قال: ما عرف بشار بسرقة شعر جاهلي ولا إسلامي (١).

ويمكن أن نضمّ لهذه الملاحظات المتعلقة بشعر بشار موقفين نذكر منها: ما روي عن الأصمعي من قوله مقارناً بين بشار ومروان بن أبي حفصة أيّهما أشعر؟ قال: إن مروان سلك طريقاً كثُر من يسلكه. فلم يلحق بمن تقدّمه، وشركَه فيه من كان في عصره. وبشار سلك طريقاً لم يُسلك وأحسن فيه وتفَرّد به. وهو أكثر تصرفاً في فنون الشعر، وأغزر وأوسع بديعاً. قال: وقد وجدت أهل بغداد قد ختموا الشعراء بمروان، وبشار أحق بذلك منه. وما كان مروان في حياة بشار يقول شعراً حتى يصلحه له بشار ويقوّمه. فبشار مطبوع لا يكلّف طبيعته شيئاً متعذّراً. وكان الأصمعي يُشَبِّه بشاراً بالأعشى والنابغة، ويلحق مروان بزهير والحطيئة. ويقول: هو متكلِّف.

وكان أبو عبيدة يفضل بشاراً على مروان (٢).

الموقف الثاني: موقف الجاحظ منه حين بلغه أنهم يقارنون بين بشار وحماد. فقال: وما ينبغي بشار أن يناظر حماداً من جهة الشعر وما يتعلق بالشعر، لأن حماداً في الحضيض، وبشاراً مع العيّوق. وليس في الأرض مولّد قروي يعدّ شعره في المحدَث إلا بشارُ أشعرَ منه ... ومع هذا فإنا لا نعرف بعد بشار أشعر منه (٣).

ومن دلائل استقرار هذا الإعجاب بشعر بشار في النفوس أن نوّه المحكِّمون ببديع نظمه ورائع شعره. وقد وردت في مختلف


(١) ابن عاشور. ديوان بشار: ٣/ ١٩٠.
(٢) محمد الطاهر ابن عاشور. مقدمة ديوان بشار: ١/ ٧١.
(٣) ابن رشيق. العمدة: ١/ ١٩٤، ط. بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>