للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المولدين مناظراً بينهم وموازناً بين مقاماتهم. فلم يكن فيهم أصوبُ بديعاً من بشار وابنِ هرمة والعتابي. وكان العتابي يحتذي حذو بشار في البديع ...

والمطبوعون على الشعر من المولدين، بشار والسيد الحميري وأبو العتاهية وابن أبي عيينة وسَلم الخاسر ويحيى بن نوفل وخلف بن خليفة وأبان بن عبد الحميد، وبشار أطبعُهم كُلِّهم. فهو من أصحاب الإبداع والاختراع، المتقنين للشعر، القائلين في أكثر أجناسه وضروبه.

والشواهد على هذا كثيرة تضمنتها بطون أمهات كتب الأدب والنقد.

قال الرشيد: بشار أمدح الناس شعراً حيث يقول:

ليس يعطيك للرجاء ولا الخو ... ف، ولكن يلذ طعم العطاء (١)

يسقط الطير حيث ينتثر الحبّ ... وتغشى منازل الكرماء.

ومن مستحسن شعره الذي تفوَّق به على غيره ما ذكره أبو حاتم حين سُئل عن أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول (يعني بشاراً):

ولها مبسِمٌ كثغر الأقاحي، ... وحديثٌ كالوشي وشي البرود.

نزلت في السواد من حبة القلـ ... ـب ونالت زيادة المستزيد.

عندها الصبر عن لقائي، وعندي ... زفرات يأكُلن صَبر الجليد (٢).

وهو مبرَّأ بين الأدباء مما وقع فيه كثير غيره من سرقة الشعر. فقد ذكر الخطيب البغدادي عن علي بن يحيى بن منصور أحد


(١) عبد القاهر الجرجاني. دلائل الإعجاز: ٢٧٢ - ٢٧٣، ٣١٥، ٣٢٣.
(٢) ابن عاشور. ديوان بشار: ١/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>