بمعاني الكلم أفراداً أو مجردة من معاني النحو. فلا يقوم في وهم ولا يبلغ في عقل أن يتفكّر متفكّر في معنى فعل من غير أن يريد إعماله في اسم، ولا أن يتفكّر في معنى الاسم من غير أن يريد إعمال فعل فيه، وجعله فاعلاً أو مفعولاً، أو يريد فيه حكماً سوى ذلك من الأحكام مثل أن يريد جعله مبتدأً أو خبراً أو صفة أو حالاً أو ما شاكل ذلك (١).
هذا وقد فرّق العلماء بين ما اجتمع لهم من ذلك من القياسي والمخالف للقياس. وبيّن الإمام الأكبر المتفرع ذاته إلى أنواع من الشذوذ: منها ما يكون قياساً مع كونه لم يسمع عن العرب إلا نادراً، ومنها ما يكون على قياس مع شذوذه. وهذا مقابل للأول. فإذا اجتمع الشذوذ ومخالفة القياس فاستعمال اللفظ مستقبح، وإذا انفردت مخالفة القياس مع الشيوع فالاستعمال جائز، وإذا انفرد الشذوذ مع القياس فهو محلُّ خلاف بين أهل اللغة. ومن تلك الأنواع أيضاً ما يجري اللفظ فيه على القياس مع كونه غير مسموع عند العرب. وهذا يكون العمل به مشروطاً بكون القياس قابلاً له، ولم يأت فيه شيء ينقضه. وهو محلُّ خلاف بين أبي الحسن الأخفش وسيبويه.
وأتبع المؤلف هذه التقسيمات بذكر مَن يحتج بقولهم من العرب، وهم المتبدّون الذين لم يدخلوا الحواضر. وجعل من بينهم بشاراً. فهو قد أدرك العرب الباقين من بني عامر بن صعصعة، ولم يخلط في معاشرته بين العرب والمولدين. وهو اعتباراً لنشأته لا يُتَّهم بأنه يخترع لغة أو يقيس فيها على غير أصل. فما نجده في شعره، من صيغ لمواد عربية مما لا شاهدَ لثبوته باتفاقهم، عربي السليقة،