للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدراً من المعاملات كطلب الصداق في النكاح، والذبح في المحلّ المخصوص في الحيوان المأكول، والفروض المقدرة في المواريث، وعدد الأشهر في العِدد الطلاقية والوفاوية يبقى محل اختلاف، وما أشبه ذلك من الأمور التي لا مجال للعقول في فهم مصالحها الجزئية، حتى لا يقاس عليها غيرها (١).

فأبو إسحاق الشاطبي يرى لزوم اعتبار التعبّدية فيها وفي نظائرها، ويقول: إن العلّة المطلوبة هي مجرّد الانقياد من غير زيادة ولا نقصان (٢). وصاحب المقاصد يخالف بالطبع هذا الاتجاه بسبب ما قررناه من حرصه الكبير على تعليل الأحكام كما أمكن ذلك.

واستدلَّ الشاطبي على رأيه هذا في مثل تلك الأحكام بقوله:

١ - إن السيد إذا أمر عبده لأجل مصلحة هي علّة الأمر بالفعل، يلزمه عقلاً الامتثال من حيث مجرد الأمر؛ لأن مخالفته قبيحة، ومن جهة اعتبار المصلحة أيضاً، فإن تحصيلها واجبٌ عقلاً بالفرض.

٢ - عدم القطع بمعقولية المعنى مستقلاً يقتضي اعتبارَ التعبّد في الحكم (٣).

٣ - حصول التعبّد بمعنى الامتثال والخضوع في تعليلات هذه الأحكام. من ذلك ما إذا سُئل الحاكم: لِم لا تحكم بين الناس وأنت غضبان؟ فقال: إني نهيت عن ذلك، أو بأن الغضب يشوش


(١) الموافقات: (٣) ٢/ ٣٠٧ - ٣٠٨؛ المحلى شرح جمع الجوامع: ٢/ ٢٠٦؛ الموسوعة الفقهية: ١٢/ ٢٠٩.
(٢) الموافقات: (٣) ٢/ ٣٠٨.
(٣) الموافقات: (٣) ٢/ ٣١١ - ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>