للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأثور عن الشارع في ذلك الحكم، ولا يفرّعوا على صورته، ولا يقيسوا، فلا ينتزعوا منه وصفاً ولا ضابطاً ... وإذا جاز أن نثبت أحكاماً تعبدية لا علّة لها ولا يطلع على علّتها، فإنما ذلك في غير أبواب المعاملات المالية والجنائية. فأما هذان فلا أرى أن يكون فيها تعبّدي، وعلى الفقيه استنباط العلل فيها (١).

واعتقادي كما نبّه إلى ذلك الشاطبي: أن الحرص على التعليل في المعاملات يدل عليه الاستقراء من الشريعة لأنها وُضعت لمصلحة العباد. فالتعاليل التفاصيل في الأحكام في الكتاب والسنة أكثر من أن يُحصى. وإذا دلّ الاستقراء على هذا، وكان في مثل هذه القضية مفيداً للعلم؛ فنحن نقطع بأن الأمر مستمر في جميع تفاصيل الشريعة (٢).

وجرى الإمام الأكبر على هذا النحو مع إضافة ملاحظة صغيرة. هي قوله: شريعة الإسلام جاءت لما فيه صلاح البشر في العاجل والآجل، أي في حاضر الأمور وعواقبها. وليس المراد بالآجل عنده أمور الآخرة؛ لأن الشرائع لا تحدِّدُ للناس سَيرهم في الآخرة، ولكن الآخرة جعلها الله جزاء على الأحوال التي كانوا عليها في الدنيا (٣). وفي هذا التفسير تنبيه على ما يترتب على التصرّفات من نتائج آنية فورية أو ما يعقبها، تكون صالحة أو فاسدة بحسب ما يترتب على مقدماتها.

وإذا تقرر هذا، وأن الغالب في العادات الالتفات إلى المعاني. فإذا وجد فيها التعبد فلا بد من التسليم والوقوف مع النصوص. فإن


(١) المقاصد: ١٥٩.
(٢) الموافقات: (٣) ٢/ ٦ - ٧.
(٣) المقاصد: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>