للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل أول من عني ببيان معنى المقاصد اصطلاحاً، هو الإمام الأكبر في كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية. فقد قدم للقسم الثاني منه بقوله:

المقاصد العامة هي المعاني والحِكم الملحوظة للشارع في جميع أصول التشريع أو معظمها، بحيث لا تختصُّ ملاحظتها بالكون في نوع خاصًّ من أحكام الشريعة، وتدخل في هذا أوصاف الشريعة وغايتُها العامة، والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظتها، كما تدخل في هذا أيضاً معان من الحِكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام، ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها (١).

ونقرأ له بعد ذلك قبل تفصيله القول في المقاصد الخاصة، وأثناء التفريق بين المقاصد والوسائل: "المقاصد هي الأعمال والتصرّفات المقصودة لذاتها، والتي تسعى النفوس إلى تحصيلها بمساع شتى، أو تُحمل على السعي إليها امتثالاً". وزاد عند حديثه عن المعاملات: "المقاصد من موارد الأحكام، وهي المتضمّنة للمصالح والمفاسد في أنفسها".

ووضع الإمام حداً ثانياً يميّز به المقاصد الخاصة عن العامة، وهو قوله: "هي الكيفيات المقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة، أو لحفظ مصالحهم العامة في تصرّفاتهم الخاصة، كي لا يعود سعيهم في مصالحهم الخاصة بإبطال ما أسس لهم من تحصيلهم مصالحهم العامة، إبطالاً عن غفلة أو عن استزلال هوى وباطل شهوة".


(١) المقاصد: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>