وتدخل في ذلك كل حكمة رعيت في تشريع أحكام تصرفات الناس. ويتفرع عن هذه الحقيقة حصر مقاصد الناس في تصرفاتهم. فهي المعاني التي لأجلها تعاقدوا أو تعاطوا أو تغارموا أو تقاضوا أو تصالحوا.
وذكر الإمام لهذه المقاصد رتبتين:
الأولى: منهما، وهي العليا، هي أنواع التصرّفات التي اتفق عليها العقلاء أو جمهورهم لما وجدوا من ملاءمتها لانتظام حياتهم الاجتماعية.
والثانية: هي الدنيا، وهي التي قصد إليها فريق من الناس وآحاد منهم في تصرّفاتهم لملاءمة خاصة لها ببعض أحوالهم.
وإذا كانت المقاصد الأولى العامة تعتمد من جهة الفطرة، وتتولد عنها السماحة والمساواة والحرية وتمضي بنا إلى الغاية التي يصورها لنا المقصد العام من التشريع وهو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان، والتصور الكامل للحقوق، فإن المقاصد الخاصة تشمل أحكام الأسرة، والتصرفات المالية، والأموال، والمعاملات المنعقدة على عمل الأبدان، وأحكام التبرعات، وأحكام القضاء والشهادة وما يتصل بذلك من تصرف القاضي في تعيين المؤتمن من بين أفراد المستحقين أو من غيرهم، والتعجيل بإيصال الحقوق إلى أصحابها، والمقصد الشرعي من العقوبات.
وتعتبر هذه وتلك من المقاصد حقوقاً عند البعض لما في الحقوق من ضمان للمصالح. وهذه الحقوق منها ما يعرف بإضافته لله، ومنها ما يضاف للعبد، ومنها الحقوق المشتركة.