للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعرض الشيخ ابن عاشور بعد ذلك إلى قسمي الحاجي والتحسيني. وهما معدودان في المصالح المعتبَرِ أثرُها في قوام أمر الأمة.

فالحاجي، كما قدمنا، هو ما تحتاجه الأمة لاقتناء مصالحها وانتظام أمرها على وجه حسن، بحيث لولا مراعاته لفسد النظام، ولكنه يكون على حالة غير منتظمة فلا يبلغ مبلغ الضروري (١). وعرفه الشاطبي بقوله: هو ما يفتقر إليه من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدّي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب. فلو لم يُراعَ دخل على المكلَّفين الحرجُ والمشقّةُ، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد المتوقع في المصالح العامة.

وتولّى المؤلف إثر هذين التعريفين المسوقين للمقارنة بينهما ذكرَ أمثلة للحاجي جعل منها الأصوليون البيوع والإجارات والقراض والمساقاة. ووضع الشيخ ابن عاشور لضبط الحاجي قاعدة يسهل عن طريقها إدراك جملة من صوره. وذلك قوله: إن معظم قسم المباح من المعاملات راجع إلى الحاجي. وألحق به النكاح الشرعي، وحفظ الأنساب كإلحاق الأولاد بآبائهم والعكس. ومنه أيضاً في البيوعات بيوع الآجال المحظورة لأجل سد الذريعة، وتحريم الربا، وأخذ الأجر على الضمان، وبذل الشفاعة. فإن هذه أكثرَها من الأحكام التكميلية لحفظ المال وليست داخلة في أصل حفظ المال.

ويتلو الضروريات والحاجيات قسم التحسينيات.

عرف الغزالي التحسيني من المصالح بقوله: هو الذي يقع موقع


(١) المقاصد: ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>