للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاطبي هذا المعنى بقوله: فلا يجوز لوالٍ أن يأخذ أجرة ممّن تولّاهم على ولايته عليهم، ولا لقاضٍ أن يأخذ من المقضي عليه أو له أجرة قضائه، ولا لحاكم على حكمه، ولا لمفتٍ على فتواه، ولا لمحسن على إحسانه، ولا لمقرض على قرضه، ولا ما أشبه ذلك من الأمور العامة التي للناس فيها مصلحة عامة. ولذلك امتنعت الرشاوى والهدايا المقصود بها نفس الولاية؛ لأن استجلاب المصلحة هنا مؤدًّ إلى مفسدة عامة تضاد حكمة التشريع في نصب هذه الولايات، وعلى هذا يجري العدل بين جميع الأنام ويصلح النظام (١).

وأما المقاصد التابعة فهي التي روعي فيها حظ المكلف من استجابة لفعل الشهوات، والاستمتاع بالمباحات، وسدّ الخلاف، واكتساب ما يحتاجه من ذلك كله. وبهذا الاعتبار تصير المقاصد التابعة خادمة للمقاصد الأصلية ومكملة لها.

وكما رغّبنا سبحانه في حقوقه الواجبة علينا بوعد حَظِيًّ لنا، وعجَّل لنا من ذلك حظوظاً كثيرة نستمتع بها في طريق ما كلفنا به. وهكذا تكون المقاصد الأصلية راعية لما تقتضيه معاني العبودية، وتكون المقاصد التابعة مما اقتضاه لطف المالك بالعبيد (٢).

وممّا أوردوا من أمثلة للمقاصد الأصلية والمقاصد التابعة في العبادات والعادات جعلُهم من الأول الذي ليس فيه حظ عاجل مقصود فروضَ الأعيان كالعبادات البدنية والمالية من طهارة وصلاة وصيام وزكاة وما أشبه ذلك.

وجعلُهم من فروض الكفايات الولاية العامة وما تشمله من


(١) الموافقات: (٣) ٢/ ١٧٦ - ١٧٩.
(٢) الموافقات: (٣) ٢/ ١٧٨ - ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>