للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سبحانه: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (١).

وكان فَهْمُ الناس لعدّة الوفاة أربعةَ أشهر وعشراً فهماً خاطئاً حين جعلوا العدّة حُزناً على فقدان الزوج، وصرفاً إلى اعتداد المرأة عدة الوفاة.

وبيان ذلك أن المرأة إذا وضعت حملها إثر وفاة بعلها وبَرِئَت رحمُها يكون لها أن تتزوج في التوّ وهذا خلاف ما قاله أبو السنابل، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسبيعة حين جاءت تشكو أمرها: "قد حللت حين وضعت حملك فانكحي إن شئت" (٢). ويدل هذا على أن العلة الحقيقية لعدة الوفاة كانت لأجل ما عسى أن يظهر من الحمل.

أما ما ورد من نهي أهل الكتاب عن مذامًّ يأتونها؛ كمؤاخذته جل وعلا لليهود بقوله: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} (٣) فهو من أجل تحذير المسلمين من الوقوع في مثله.

وكان الناس يعتدّون بالفوارق بين الذوات المتساوية: بين الرجال والنساء، وبين الأحرار والعبيد بصفة مطّردة. فأبطلت الشريعة ذلك، واعتبرت جميع الأحكام المتعلّقة بذوات متساوية في الوصف الواردِ لأجله الحكم، يجب أن تكون متساوية في الحكم.

وممّا لم يقرّه الشرع وإن كان واقعاً في الجاهلية وصدر الإسلام التبنّي. أبطله تعالى بقوله: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ


(١) سورة الطلاق، الآية: ١.
(٢) خَ: ٦/ ١٨٢؛ مَ: ٢/ ١١٢٢ - ١١٢٣؛ طَ: ٢/ ٥٨٩.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>