للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (١).

وخالطت الأوهامُ الحقائق في المعارف والعادات شرعيها وعقليها، فكان متفشياً بين الناس اعتقاد أن الشمس تخسف إنذاراً بحوادث تقع في البشر، فردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الاعتقاد، وقال حين خسفت الشمس عند وفاة ابنه إبراهيم - عليه السلام -: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله؛ لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته" (٢).

وكان الناس يتوهّمون عند وضع الطفل مختلفاً لونه عن لون أبويه أنه من سفاح؛ فينكرونه. وجاء فزارة (ضمضم بن قتادة)، وشكا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الحالة. فبيّن - صلى الله عليه وسلم - له خطأه، واستلَّ منه وهمه بردِّه إلى واقع مشاهد، إذ قال له: "هل لك من إبل"؟، قال: نعم. قال: "ما لونها"؟ قال: حُمْرٌ. قال: "هل فيها من أورق"؟، قال: نعم. قال: "فأنّى ذلك"؟، قال: لعله نَزَعَهُ عِزق. قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عِرْق" (٣).

ومن أوهامهم اعتبارهم الزمان أو الدهر يأتي بالحوادث العجيبة وبالمصائب. فكانوا يسبُّون الدهر. فنهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا تسبّوا الدهر فإن الله هو الدهر" (٤). ذلك أنهم أضافوا ما يحدث لهم من قوارع إلى الزمان، وليس الزمان سوى أمر اعتباري تؤقّت به الحوادث فأخطؤوا في الاعتقاد، وما من خالق للحوادث غير الله.

وكانوا يتطيَّرون ويعتقدون أن الهامة طائر يتخيّلونه يخرج من


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٤.
(٢) خَ: ٢/ ٢٤، ٣٠، ٣١؛ مَ: ١/ ٦٢٣، ٦٣٠.
(٣) خَ: ٦/ ١٧٨؛ مَ: ٢/ ٢٣٣.
(٤) مَ: ٢/ ١٧٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>