للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأس القتيل فلا يزال يصيح: اسقوني، حتى يؤخذ بثأر القتيل. كما كانوا يتشاءمون من شهر صفر ويخافون الكهنة، فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الأوهام قائلاً: "لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة" (١)، "وإنما الطِّيَرَةُ على من تطيّر" (٢). وردَّ على من سأل عن الكهنة فقال: "ليسوا بشيء" (٣).

فأنشأ الإسلام بسداد شريعته وحكمته العالية أمة صالحة للاستخلاف في الأرض. ولولا ما أُدخل عليها من تحريف الأفهام وتصديع الأوهام لكانت تاجاً فوق جميع الهام.

ويحصل لمن لا يفقه الشريعة خلط الاعتبارات بالأوهام وهذا باطل. فلكل وصف من هذين موقع ومجال.

فمن الأمور الاعتبارية قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المُصلي يناجي ربه" (٤)، تقريباً وتقريراً وتقديراً لفعله. وهذا الأمر في الواقع غيرُ متحقّق؛ لأن الربّ موجود والتقرّب إليه مشروع، واستحضاره عسير لا بد فيه من المعونة بأمر محسوس، ومن الاعتبارات استحضار استقبال القبلة في الصلاة.

ومن هذا القبيل الحقائق التي لا ثبوت لها إلا في الذهن. وذلك ما حوّلته الشريعة إلى الاعتبار كالنية، وحُسن الظن بالمؤمن، ومقام الإحسان الذي صوَّره لنا الشارع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أن تعبد الله كأنك تراه" (٥). ودخل هذا في التشريعات الاعتبارية؛ لما يقارن هذه


(١) خَ: ٧/ ٢٧، ٣١؛ مَ: ٢/ ١٧٣٢ - ١٧٤٣.
(٢) حَب: ٧/ ٦٤٢.
(٣) خَ: ٧/ ٢٨؛ مَ: ٢/ ١٧٥٠.
(٤) خَ: ١/ ١٠٦ - ١٠٧؛ مَ: ١/ ٣٩٠.
(٥) مَ: ١/ ٣٦ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>