للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجنبي ساحر، سيهتم به طوال حياته. فعنهم تلقى الفرنسية وأخذ مبادىء فن الحرب العصري (١).

وبباريس التي زارها مرتين؛ الأولى في ركب الأمير أحمد باي مع ثلة من وزرائه؛ من بينهم مصطفى خزندار وابن أبي الضياف في ٥/ ١١/ ١٨٤٦، والثانية في ٤/ ١٠/ ١٨٥٣ للعلاج والمفاوضة من أجل القرض مع المصرفيين، واستمرت إقامته هذه بها إلى ١٠/ ٨/ ١٨٥٨. ثم تكررت زيارته لها أكثر من مرّة في مهمات مختلفة متعددةٍ في أعوام ١٨٦١، ٦٣، ٦٥، ٦٧. وتأكدت علاقاته واتصالاته الرسمية والخاصة فيها بالشخصيات الفرنسية. فأمكن له تعميق معرفته لأوروبة العصرية، ورأى كيف تعمل حكومة مراقبة بصفة واضحة من مجلسٍ نوابهُ منتخبون من الأهالي، كما انبهر بما يوليه المسؤولون هناك من عناية بالتعليم والاقتصاد. وبقدر إعجاب الشاب المُتَأَوْرِب بالتقدم والمدنية الأوروبية، كان إصداعه برغبته وإعلانه عن دعوته. فهو يوجه إلى العلم والاعتقاد بأن كل ما شاهده بأوروبة وبباريس خاصة مؤسَّسٌ على العدل السياسي، وتسهيل طرق الثروة، واستخراج كنوز الأرض بعلم الزراعة والتجارة. وملاك ذلك كله الأمن والعدل اللذان صارا طبيعة في بلدانهم.

وقد جرت عادة الله في بلادهم أن العدل وحسن التدبير والتراتيبَ المحفوظة من أسباب نمو الأموال والأنفس والثمرات، وبضدها يقع النقص في جميع ما ذكر كما هو معلوم من شريعتنا والتواريخ الإسلامية وغيرها (٢). ولم يقف في حديثه هذا عند التذكير بسنن الله الكونية، وما يترتب عليها، وجوداً وعدماً، من إيجابيات


(١) ج. س. فان كريكن: ١٦.
(٢) خير الدين. أقوم المسالك: (٢) ١/ ١٣١ - ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>