ومن المعلوم أن أصحاب قتادة الأثبات هم شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام وهمام، فَتُقدم رواية الأصحاب على من خالفهم. قال البرديجي في "شرح علل الترمذي" لابن رجب ٢/ ٥٠٤: فإذا أورد عليك حديث لسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعًا، وخالفه هشام وشعبة حكم لشعبة وهشام على سعيد. قلت: من المعلوم أن البخاري رحمه اللَّه يقبل الزيادة من الثقة الحافظ من أصحاب الشيخ وإن خالف باقي الأصحاب، شريطة ألا يكثر عدد المخالفين، فعلى هذِه القاعدة احتج بهذا الحديث. فائدة: انتقد الدارقطني هذا الحديث، وابن عبد البر في التمهيد، وأبو مسعود الدمشقي، والأصيلي وابن القصار والحاكم في معرفة علوم الحديث وغيرهم بما سبق بيانه مثل كلام الإمام أحمد، وهو الحق إن شاء اللَّه، وقد دافع الحافظ في "الفتح" وابن المواق عن صحة الحديث، والأول أرجح واللَّه أعلم. قلت: ومعنى الاستسعاء في هذا الحديث: أن العبد يكلف بالاكتساب والطلب حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر، فإذا دفعها إليه عتق. هكذا فسره جمهور القائلين بالاستسعاء، وقال بعضهم: هو أن يخدم سيده الذي لم يعتق بقدر ما له فيه من الرق، فعلى هذا تتفق الأحاديث. (١) أخرجه أحمد ٦/ ٤٢ قال: حدثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان زوج بريرة حرًّا فلما أعتقت -وقال مرة: عتقت- خيرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاختارت نفسها، قالت: وأراد أهلها أن يبيعوها واشترطوا الولاء، قالت: فذكرت ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "اشتريها فأعتقيها فالولاء لمن أعتق".