للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسيرة عمر فأنت أفضل من عمر، لأن زمانك ليس كزمان عمر، ولا رجالك كرجال عمر، قال: وكتب إلى فقهاء زمانه فكلهم كتب بمثل قول سالم. قال أبو عمر: فهذه الأحاديث تقتضى مع تواتر طرقها وحسنها، التسوية بين أول هذه الأمة وآخرها فى فضل العمل، إلا أهل بدر والحديبية. ومن تدبر هذا الباب بان له الصواب، والله يؤتى فضله من يشاء. انتهى.

وإسناد حديث أبى داود الطيالسى عن عمر ضعيف فلا يحتج به، لكن روى أحمد والدارمى والطبرانى عن أبى عبيدة- أى ابن الجراح-: يا رسول الله، أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك؟ قال: «قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بى ولم يرونى» «١» وإسناده حسن وصححه الحاكم.

والحق ما عليه الجمهور: أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل لمشاهدة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، والدلائل على أفضلية الصحابة على غيرهم كثيرة متظاهرة لا نطيل بذكرها وسيأتى بقية مباحث ذلك فى فضل الصحابة من المقصد السابع- إن شاء الله تعالى-.

وقد خص الله تعالى هذه الأمة الشريفة بخصائص لم يؤتها أمة قبلهم، أبان بها فضلهم، والأخبار والآثار ناطقة بذلك.

فخرج أبو نعيم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إن موسى- عليه السّلام- لما نزلت عليه التوراة وقرأها، فوجد فيها ذكر هذه الأمة، قال:

يا رب إنى أجد فى الألواح أمة هم الآخرون السابقون، فاجعلها أمتى، قال:

تلك أمة أحمد، قال: يا رب إنى أجد فى الألواح أمة أناجيلهم فى صدورهم يقرؤنها ظاهرا فاجعلها أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إنى أجد فى الألواح أمة يأكلون الفىء فاجعلها أمّتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إنى أجد فى الألواح أمة يجعلون الصدقة فى بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إنى أجد فى الألواح أمة إذا همّ


(١) أخرجه الدارمى فى «سننه» (٢٧٤٤) ، وأحمد فى «المسند» (٤/ ١٠٦) ، والحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٩٥) ، والطبرانى فى «الكبير» (٤/ ٢٢ و ٢٣) .