للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله إلى موسى، نبئ بنى إسرائيل أنه من لقينى وهو جاحد بأحمد أدخلته النار.

قال: يا رب، ومن أحمد؟ قال: ما خلقت خلقا أكرم على منه، كتبت اسمه مع اسمى فى العرش قبل أن أخلق السماوات والأرض، إن الجنة محرمة على جميع خلقى حتى يدخلها هو وأمته، قال: ومن أمته؟ قال: الحمادون، يحمدون صعودا وهبوطا وعلى كل حال. يشدون أوساطهم ويطهرون أطرافهم، صائمون بالنهار، رهبان بالليل، أقبل منهم اليسير، وأدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله، قال: اجعلنى نبى تلك الأمة، قال: نبيها منها، قال:

اجعلنى من أمة ذلك النبى، قال: استقدمت واستأخر، ولكن سأجمع بينك وبينه فى دار الجلال» «١» .

وعن وهب بن منبه قال: أوحى الله إلى شعيا: إنى باعث نبيّا أميّا، أفتح به آذانا صما، وقلوبا غلقا، وأعينا عميا، مولده بمكة، ومهاجره طيبة، وملكه بالشام، عبدى المتوكل المصطفى المرفوع الحبيب المنتخب المختار، لا يجزى بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ويغفر، رحيما بالمؤمنين، يبكى للبهيمة المثقلة، ولليتيم فى حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب فى الأسواق، ولا متزين بالفحش ولا قوال للخنا، لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشى على القصب الرعراع لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرا ونذيرا.. إلى أن قال: وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وتوحيدا لى، وإيمانا بى، وإخلاصا لى، وتصديقا لما جاءت به رسلى، وهم رعاة الشمس والقمر، طوبى لتلك القلوب والوجوه والأرواح التى أخلصت لى، ألهمهم التسبيح والتكبير والتحميد والتوحيد، فى مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم، ويصفون فى مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشى، هم أوليائى وأنصارى، أنتقم بهم من أعدائى عبدة الأوثان، يصلون لى قياما وقعودا وركعا وسجودا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتى


(١) انظر «الحلية» لأبى نعيم (٦/ ٣٣) .