الإجارة مطلقا وهو المختار، فإن موضع القراءة موضع بركة وتنزل الرحمة.
وهذا مقصود: ينتفع الميت.
وقال الرافعى وتبعه النووى فى الوصية: الذى يعتاد من قراءة القرآن على رأس القبر قد ذكرنا فى باب الإجارة طريقين فى عودة فائدتها إلى الميت. وعن القاضى أبى الطيب طريق ثالث: وهو أن الميت كالحى الحاضر، فترجى له الرحمة ووصول البركة إذ أهدى الثواب له القارئ.
وقال الشالوسى: إذا نوى بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه، إذ جعل ذلك قبل حصوله، وتلاوته عبادة البدن فلا تقع عن الغير، وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الثواب للميت ينفعه، إذ قد جعل من الأجر لغيره، والميت يؤجر بدعاء الغير. لكن إطلاق أن الدعاء ينفع الميت، اعترض عليه بعضهم بأنه موقوف على الإجابة. ويمكن أن يقال: الدعاء للميت مستجاب- كما أطلقوا- اعتمادا على سعة فضل الله.
وقال الرافعى وتبعه النووى: يستوى فى الصدقة والدعاء، الوارث والأجنبى. قال الشافعى: وفى وسع الله أن يثب المتصدق أيضا. وقال الأصحاب: يستحب أن ينوى المتصدق الصدقة عن أبويه، فإن الله ينيلهما الثواب ولا ينقص من أجره شيئا.
وذكر صاحب العدة: أنه لو أنبط عينا أو حفر بئرا، أو غرس شجرا، أو وقف مصحفا فى حال حياته، أو فعل غيره بعد موته، يلحق الثواب بالميت.
وقال الرافعى والنووى: إن هذه الأمور إذا صدرت عن الحى فهى صدقات جارية يلحقه ثوابها بعد الموت، كما ورد فى الخبر، ولا يختص الحكم بوقف المصحف، بل يلحق به كل وقف، وهذا القياس يقتضى جواز التضحية عن الميت، فإنها ضرب من الصدقة، لكن فى التهذيب: أنه لا تجوز التضحية عن الغير بغير أمره، وكذا عن الميت إلا أن يكون أوصى به.
وقد روى عن على أو غيره من الصحابة أنه كان يضحى عن النبى- صلى الله عليه وسلم- بعد موته، وعن أبى محمد بن إسحاق السراج قال: ضحيت عن النبى- صلى الله عليه وسلم- سبعين أضحية.