للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إهداء القراءة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلا يعرف فيه خبر ولا أثر، وقد أنكره جماعة منهم الشيخ برهان الدين بن الفركاح لأن الصحابة لم يفعله أحد منهم.

وحكى صاحب «الروح» : أن من الفقهاء المتأخرين من استحبه، ومنهم من رآه بدعة، قالوا: والنبى- صلى الله عليه وسلم- غنى عن ذلك، فإن له أجر كل من عمل خيرا من أمته من غير أن ينقص من أجر العامل شىء.

قال الشافعى: ما من خير يعمله أحد من أمة النبى- صلى الله عليه وسلم- إلا والنبى- صلى الله عليه وسلم- أصل فيه.

قال فى تحقيق النصرة «١» : فجميع حسنات المسلمين وأعمالهم الصالحة فى صحائف نبينا- صلى الله عليه وسلم- زيادة على ما له من الأجر، مع مضاعفة لا يحصرها إلا الله تعالى، لأن كل مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل له أجر، ويتجدد لشيخه مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه، وللشيخ الثالث أربعة، وللرابع ثمانية وهكذا تضعيف كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-.

وبهذا يعلم تفضيل السلف على الخلف. فإذا فرضت المراتب عشرة بعد النبى- صلى الله عليه وسلم-، كان للنبى- صلى الله عليه وسلم- من الأجر ألف وأربعة وعشرون، فإن اهتدى بالعاشر حادى عشر صار أجر النبى- صلى الله عليه وسلم- ألفين وثمانية وأربعون، وهكذا كلما ازداد واحد يضاعف ما كان قبله أبدا، كما قال بعض المحققين، انتهى. ولله در القائل، وهو سيدى محمد وفا:

فلا حسن إلا من محاسن حسنه ... ولا محسن إلا له حسناته

وبهذا يجاب عن استشكال دعاء القارئ له- صلى الله عليه وسلم- بزيادة التشريف مع العلم بكماله- عليه الصلاة والسلام- فى سائر أنواع الشرف. فكأن الداعى


(١) هو كتاب «تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة» لقاضيها زين الدين أبى بكر بن الحسين بن عمر العثمانى المراغى نزيل طيبة المتوفى سنة (٨١٦ هـ) ، قاله صاحب «كشف الظنون» (١/ ٣٧٨) .